لمـاذا فرض الحـــج ؟
••••••••••••••••••
الدكتوره رنــده رفعت
••••••••••••••••••
الحج ركن من أركان الاسلام من أداه فاهما حق الربوبية عارفا مقام العبودية وأخلص لله النية فأقبل عليه تائبا من ذنبه شاكرا لانعامه وجلا من خشيته طامعا في رحمته رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ولما كانت أعمال الحج تؤدى مع عناء ومشقة وفيها يفارق الحاج وطنه ووالديه واهله ويعطل عمله من زراعة أو تجارة فقد فرض الله تعالى الحج مرة واحدة على كل فرد بالغ ذكرا أو أنثي متى استطاع أن يؤديه قال تعالى : ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا – وقال سيدنا محمد عليه أفضل الصلاه والسلام الحج مرة واحدة فمن زاد فهو تطوع .
وفي عبادة الحج اظهار العبودية وشكر نعمة الله على عبده واظهار العبودية يقتضي من العبد ترك الرفاهية والتجرد من الزينة ليعود العبد الى الخضوع والذلة كما يبدو ذلك في حالة الاحرام وغيره من العبادات البدنية وشكر الله على نعمه يتمثل في العبادات المالية كأداء الزكاة والحج الذي يجمع بين العبادة البدنية والمالية ومع ذلك فان الحج لم يفرضه الله الا على من توافر لديه المال الكافي وصحة البدن ومن ثم كان في اداء الحج شكر لله على النعمتين وفي ذلك تحقيق لرغبة ابراهيم عليه السلام في ان يجعل الله قلوب الناس تحن وتهوى الى قوم من ذريته تشرفوا بجوار البيت الحرام .
يقول الله تعالى : ( ربنا انى أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى اليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ) .
واذا صبر العبد على الابتلاء في المال والنفس كان داخلا في قوله تعالى : ( انما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب ( واذا أحسن أداء حجته نال من الثواب ما وعد على لسان خير البشر ) من حج فلم يرث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه .
وكما جاء في الحديث الصحيح : " العمرة الى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة ".
و لو أن المسلمين فطنوا لحكمة اجتماعهم في هذه البقعة المباركة لنبذوا أسباب اختلافهم وحققوا وحدتهم عملا بقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : " مثل المؤمنين فو توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو له سائر الجسد بالسهر والحمى ".
ترى الناس في مشاهد الحج أجناسا مختلفة من البشر تعددت لغاتهم وتباينت السنتهم لا فرق بين غني وفقير ولا بين الملوك والسوقة ولا بين أرباب القصور وسكان الاكواخ فالحججا أخوة متقاربون ورفقة متماثلون متعاطفون انحسر عنهم كبرياء الالقاب وعزة الانساب يلتقون في صعيد واحد من أمم متباينة وشعوب متباعدة فاذا قلوبهم متعارفة تنبض بتوحيد الله تعالى وتهتف ألسنته ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك ) .
ومعنى لبيك اللهم لبيك : اجابة منا لك ياربنا بعد اجابة لقد ناديتنا فأتيناك وأمرتنا فأطعناك وكل نعمة مصدرها منك واذا كان الحج هو خامس أركان الاسلام فليس معنى هذا أن نأخذه بالتراخي والفتور بل ينبغي على كل من استطاع اليه سبيلا أن يتعجل به فعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أراد الحج فليتعجل فانه قد يمرض المريض وتضل الراحلة وتعرض الحاجة " رواه أحمد وابن ماجة.
وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تعجلوا الحج فان أحدكم لا يدري ما يعرض له " رواه أحمد ومن هنا أخذ بعض الائمة أن الحج مفروض على الفور كما رأى مالك رحمه الله أن من استطاع التكسب في الطريق وجب عليه الحج فسئل في ذلك فقال ( أرأيت ان كان الانسان له ميراث بمكة ماذا يفعل ؟ كان يحبو اليه حبوا ) وروى سعيد بن منصور في سننه عن الحسن قال : قال عمر بن الخطاب رضي اللع عنه ( لقد هممت أن أبعث رجالا الى الامصار فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ) .
ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد هجرته سوى حجة واحدة هي حجة الوداع أما حجه قبل الهجرة فقد اختلف فيه روى الترمذي عن جابر رضي الله عنه قال ( حج النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث حجج حجتين قبل أن يهاجر وحجة بعد ما هاجر معها عمرة ) والله أعلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا أيها الناس ان الله فرض عليكم الحج فحجوا ط فقال رجل : أكل عام يا رسول الله فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام : " لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت لما استطعتم ذروني ما تركتكم فانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فاذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم واذا نهيتكم عن شئ فدعوه " رواه مسلم .
من النظر في آيات القرآن وسنن الرسول تجلى له في أن الله تعالى ما فرض على كل مكلف من المسلمين والمسلمات أن يحج البيت الحرام مرة في عمره الا لتحقيق مصالح اجتماعية لشعوب المسلمين وجماعاتهم ولتحقيق مصالح فردية للحاج نفسه فالحج من حيث ما قصد الشرع به من مصالح له ناحيتان : ناحية اصلاح اجتماعي وناحية اصلاح فردي ولا يكون أداء هذه الفريضة كاملا على أتم وجوهه الا اذا عمل المسلمون على تحقيق اصلاحه الاجتماعي وعمل كل حاج على تحقيق اصلاح فردي .
••••••••••••••
Randa Refaat.
••••••••••••••
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق