اليوم مع قصة الصحابي عثمان بن مظعون أبو السائب . وكان من سادة المهاجرين وكان أول من مات في المدينة من المهاجرين.
كان عثمان بن مظعون ﻻيشرب الخمر في الجاهلية وقال: لا أشرب شرابًا يذهب عقلي ويضحك بي من هو أدنى مني ويحملني على أن أنكح كريمتي.
وقد أمن في بداية الدعوة الســـــرية .
أنطلق عثمان بن مظعون، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، وعبد الرحمن بن عوف, وأبو سلمة بن عبد الأسد، وأبو عبيدة بن الجراح، حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعَرَض عليهم الإسلام، وأنبأهم بشرائعه، فأسلموا جميعًا في ساعةٍ واحدةٍ، وذلك قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وقبل أن يدعو فيها, وهاجر الهجرة الأولى إلى الحبشة في السنة الخامسة للبعثة.
فعندما أشيع إسلام أهل مكة رجع من هاجروا إلى الحبشة ولما قربوا من دخول مكة علموا أن أهل مكة لم يدخلوا في الإسلام, فرجع منهم من رجع إلى الحبشة ودخل البعض الآخر مستخفيًا, والبعض دخل في جوار أناس من المشركين ودخل عثمان بن مظعون في جوار الوليد بن المغيرة, ولما رأى عثمان بن مظعون ما فيه أصحاب رسول الله من البلاء، وهو يروح ويغدو في أمان من الوليد بن المغيرة .
قال:
ــ والله إن غدوي ورواحي آمنًا في جوار رجل من أهل الشرك, وأصحابي وأهل ديني يلقون من البلاء والأذى في الله ما لا يصيبني، لنقص كثير في نفسي.
فمشى إلى الوليد بن المغيرة .
فقال له:
ــ يا أبا عبد شمس، وفت ذمتك، قد رددت إليك جوارك، قال: لم يا ابن أخي؟ لعله آذاك أحد من قومي؟
قال:
ــ لا، ولكني أرضى بجوار الله ولا أريد أن أستجير بغيره.
قال: فانطلق إلى المسجد . حتى أتيا المسجد فقال الوليد بن المغيرة:
ــ هذا عثمان قد جاء يرد علي جواري. قال: صدق قد وجدته وفيًّا كريم الجوار، ولكني قد أحببت أن لا أستجير بغير الله، فقد رددت عليه جواره. ثم انصرف عثمان ولبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر في مجلس من قريش ينشدهم فجلس معهم عثمان فقال لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
فقال عثمان: صدقت، فقال لبيد:
وكل نعيـــــــــم لا محالة زائل
قال عثمان: كذبت, نعيم الجنة لا يزول, فقال لبيد: يا معشر قريش, والله ما كان يؤذى جليسكم فمتى حدث هذا فيكم, فقال رجل من القوم: إن هذا سفيه في سفهاء معه قد فارقوا ديننا فلا تجدن في نفسك من قوله, فرد عليه عثمان حتى شرى أمرهما, فقام إليه ذلك الرجل ولطم عينه فخضرها, والوليد بن المغيرة قريب يرى ما بلغ عثمان, فقال: والله يا ابن أخي، إن كانت عينك عما أصابها لغنية, ولقد كنت في ذمة منيعة, قال: يقول عثمان: بل والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله وإني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس, فقال له الوليد: هلم يا ابن أخي إلى جوارك فعد، قال: لا.
أتى عثمان بن مظعون النبي فقال: يا رسول الله إنّي لا أحبّ أن ترى امرأتي عورتي, قال رسول الله : "ولِمَ؟".
قال:
ــ أستحيي من ذلك وأكرهه, قال صلى الله عليه وسلم: "إنّ الله جعلها لك لباسًا، وجعلك لها لباسًا، وأهلي يرون عورتي، وأنا أرى ذلك منهم".
قال:
ــ أنت تفعل ذلك يا رسول الله؟
قال:
ــ "نعم", قال: فمن بعدك, فلمّا أدبر قال رسول الله : "إنّ ابن مظعون لَحَييٌّ سِتّيرٌ".
دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبي فرأينها سيئة الهيئة، فقلن لها:
ــ ما لك؟ فما في قريش أغنى من بعلك!
قالت:
ــ أما ليله فقائم، وأما نهاره فصائم.
فلقيه النبي .
فقال:
ــ"أما لك بي أسوة".
فقال :
ــ
نعم يارسول الله.
وفي اليوم التالي فأتتهن بعد ذلك عطرة كأنها عروس. أن عثمان بن مظعون قعد يتعبد، فأتاه النبي فقال:
ــ "يا عثمان! إن الله لم يبعثني بالرهبانية وإن خير الدين عند الله الحنيفية السمحة". دخل رسول الله على عثمان بن مظعون وهو يموت فأمر رسول الله بثوب فسجي عليه, وكان عثمان نازلاً على امرأة من الأنصار يقال لها: أم معاذ, فمكث رسول الله متكئًا عليه طويلاً ثم تنحى فبكى, فبكى أهل البيت.
فقال:
ــ "إلى رحمة الله أبا السائب".
وكان السائب ابنه قد شهد معه بدرًا, فقالت أم معاذ:
ــ هنيئًا لك أبا السائب الجنة.
فقال رسول الله :
ــ "وما يدريك يا أم معاذ ما هو فقد جاءه اليقين ولا نعلم إلا خيرًا".
قالت: لا والله لا أقولها لأحد بعده أبدًا. أن رسول الله قبل عثمان بن مظعون وهو ميت، ودموعه تسيل على خد عثمان بن مظعون. ولما مر بجنازة عثمان بن مظعون قال رسول الله: "ذهبت ولم تلبس منها بشيء". أول من دفن ببقيع الغرقد عثمان بن مظعون، فوضع رسول الله عند رأسه حجرًا، وقال: هذا قبر فرطنا.
رحم الله عثمان بن مظعون.
رحم الله عثمان بن مظعون.
***
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق