- تفسير قوله تعالى
- "يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وَبَنِيهِ:
- ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
- •••••••••••••
- قال الله تعالى :
- •••••••••••••
- { فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّـــــــــــــــــــــــــــــةُ }
- { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيـــــــــــــــــــــهِ }
- { وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ } * { وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيـــــــهِ }
- { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ }
- { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْـــــــــــــــــــــــــفِرَةٌ }
- { ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِـــــــــــــــــــــــــــرَةٌ }
- { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَــــــــــا غَبَــــــــرَةٌ }
- { تَرْهَقُهَـــــــــــــــا قَتَـــــــــــــــــــــــرَةٌ }
- { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَفَرَةُ ٱلْفَجَــــــــــــــــرَةُ }
- قال العلامة الشريف ابن عجيبة الحسني رحمه الله :
- يقول الحق جلّ جلاله: { فإِذا جاءت الصَّاخةُ } أي: صيحة القيامة، وهي في الأصل: الداهية العظيمة، وسُميت بذلك لأنَّ الخلائق يَصخون لها، اي: يُصيخون لها، مِن: صَخَّ لحديثه: إذا أصاخ له واستمع، وُصفت بها النفخة الثانية لأنَّ الناس يصخون لها، وقيل: هي الصيحة التي تصخ الآذان، أي: تصمها، لشدة وقعها. وجواب (إذا): محذوف أي: كان من أمر الله ما لا يدخل تحت نطاق العبارة، يدل عليه قوله: { يومَ يفرُّ المرءُ من أخيه } ، فالظرف متعلق بذلك الجواب، وقيل: منصوب بأعني، وقيل: بدل من " إذا " أي: يهرب من أخيه لاشتغاله بنفسه، فلا يلتفت إليه ولا يسأل عنه، { و } يفرُّ أيضاً من { أُمهِ وأبيهِ } مع شدة محبتهم فيه في الدنيا، { وصاحبتهِ } أي: زوجته { وبنيهِ } ، بدأ بالأخ ثم بالأبوين؛ لأنهما أقرب منه, ثم بالصاحبة والبنين؛ لأنهم أحبُّ، فالآية من باب الترقي. وقيل: أول مَن يفرُّ من أخيه: هابيل، ومن أبويه: إبراهيم، ومن صاحبته: نوح ولوط، ومن ابنه: نوح. { لكل امرىءٍ منهم يومئذٍ شأنٌ يُغْنيه } أي: لكل واحد من المذكورين شغل شاغل، وخطب هائل، يكفيه في الاهتمام به، ويشغله عن غيره.
- ثم بيَّن أحوال المذكورين وانقسامهم إلى السعداء والأشقياء، بعد ذكر وقوعهم في داهية دهياء، فقال: { وجوه يومئذٍ مُسْفِرةٌ } أي: مضيئة متهللة، من: أسفر الصبح: إذا أضاء، قيل: ذلك مِن قيام الليل، وقيل: مِن إشراق أنوار الإيمان في قلوبهم، { ضاحكةٌ مستبشرةٌ } بما تُشاهد من النعيم المقيم والبهجة الدائمة. { ووجوه يومئذٍ عليها غبرةٌ } أي: غبار وكدور، { تَرهقها } أي: تعلوها وتغشاها { قَتَرَةٌ } أي: سواد وظُلمة { أولئك هم الكفرةُ } ، الإشارة إلى أصحاب تلك الوجوه. وما فيه من معنى البُعد للإيذان ببُعد درجتهم في السوء، أي: أولئك الموصوفون بسواد الوجوه وغبرتها هم الكفرة { الفجرةُ } أي: الجامعون بين الكفر والفجور، ولذلك جمع الله لهم بين السواد والغبرة. نسأل الله السلامة والعافية.
- الإشارة: فإذا جاءت الصاخة، أي: النفحة الإلهية التي تجذب القلوب إلى الحضرة القدسية, فتأنّست القلوب بالله، وفرتْ مما سواه فترى الرجل حين تهب عليه هذه النفحة، بواسطة أو بغير واسطة، يفر من الخلق، الأقارب والأجانب، أُنساً بالله وشُغلاً بذكره، لا يزال هكذا حتى يصل إلى مولاه، ويتمكن من شهوده أيَّ تمكُّن، فحينئذ يخالط الناسَ بجسمه, ويفارقهم بقلبه، كما قالت رابعة العدوية رضي الله عنها:
- إِنَّي جَعلتُكَ في الفُؤَادِ مُحَدّثي وأَبَحْتُ جسمي مَنْ أراد جُلوسي
- فَالْجِسْمُ مني لِلْجَلِيس مُؤَانِس وحبيبُ قَلْبي في الفُؤادِ أنِيسي
- قال القشيري: قالوا: الاستقامة أن تشهد الوقت قيامة، فَما مِن وَلِيًّ وعارفٍ إلاّ وهو اليومَ يَفرُّ بقلبه من الجميع؛ لأنّ لكل شأناً يُغنيه، فالعارفُ مع الخَلْق لا بقلبه، ثم ذكر شعر رابعةُ.
- وقال الورتجبي: أكّد الله أمر نصيحته لعباده ألاّ يعتمدوا على مَن سواه في الدنيا والآخرة، وأنَّ ما سواه لا ينقذه مِن قبض الله حتى يفرّ مما دون الله إلى الله. هـ. وقال في قوله تعالى: { لكل امرىء منهم يومئذ شأن يُغنيه }: لكل واحدٍ منهم شأن يشغله، وللعارف شأن مع الله في مشاهدته، يُغنيه عما سوى الله. هـ.
- ••••••••••
- قوله تعالى:
- ••••••••••
- { وجوه يومئذ مُسْفِرة ضاحكة مستبشِرة }
- كل مَن أَسفر عن ليل وجوده ضياءُ نهار معرفته، فوجهه يوم القيامة مُسْفِر بنور الحبيب, ضاحك لشهوده، مستبشر بدوام إقباله ورضوانه. وقال أبو طاهر: كشف عنها سُتور الغفلة، فضحكت بالدنو من الحق، واستبشرت بمشاهدته. وقال ابن عطاء: أسفر تلك الوجوه نظرُها إلى مولاها، وأضحكها رضاه عنها. هـ. قال القشيري: ضاحكة مستبشرة بأسبابٍ مختلفة، فمنهم مَن استبشر بوصوله إلى حبيبه، ومنهم بوصوله إلى الحور، ومنهم، ومنهم، وبعضهم لأنه نظر إلى ربِّه فرأه، ووجوه عليها غبرة الفراقُ، يرهقها ذُلُّ الحجاب والبعاد. هـ.
- قال الورتجبي:
- { وجوه يومئذ مُسْفِرة } ، وجوه العارفين مُسْفرة بطلوع إسفار صبح تجلِّي جمال الحق فيها، ضاحِكة مِن الفرح بوصولها إلى مشاهدة حبيبها، مستبشرة بخطابه ووجدان رضاه، والعلم ببقائها مع بقاء الله. ثم وصف وجوه الأعداء والمدّعين فقال: { ووجوه يومئذٍ عليه غبرةُ } الفراقِ يوم التلاق، وعليها قَتر ذل الحجاب، وظلمة العذاب ـ نعوذ بالله من العتاب ـ قال السري: ظاهر عليها حزن البعاد؛ لأنها صارت محجوبة، عن الباب مطرودة، وقال سَهْلٌ: غلب عليها إعراض الله عنها، ومقته إياها، فهي تزداد في كل يوم ظلمة وقترة. هـ.
- اللهم أسفر وجوهنا بنور ذاتك، وأضحكنا وبَشِّرنا بين أوليائك في الدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم تسليماً.
- السؤال:
- ما الحكمة من ترتيب أفراد الأسرة في سورة عبس وفي سورة المعارج ؟
- ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
- السلام عليكم
- •••••••••••
- قال تعالى :
- ••••••••••
- ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ) سورة عبس
- وقال تعالى : ( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ ) سورة المعارج
- ما الحكمة من ترتيب أعضاء الأسرة ؟ مثلا في الآية الأولى قدّم الصاحبة على البنيين ، وفي الثانية قدم البنين على الصاحبة .
- وجزاك الله كل خير.
- •••••••
- الجواب:
- •••••••
- في آية المعارج ( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ )
- قال ابن جرير رحمه الله في آية المعارج : بدأ جلّ ثناؤه بِذِكر البنين ، ثم الصاحبة ، ثم الأخ ، إعلاما منه عباده أن الكافر من عظيم ما ينزل به يومئذ من البلاء يفتدي نفسه لو وَجَد إلى ذلك سبيلاً بأحبّ الناس إليه كان في الدنيا ، وأقربهم إليه نسبا . اهـ .
- وفي آية عبس ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِــــــــــهِ وَبَنِيهِ ).
- قال ابن جرير أيضا : ويعني بقوله : ( يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ) يفرّ عن أخيه وأمه وأبيه ، ( وَصَاحِبَتِهِ ) يعني زوجته التي كانت زوجته في الدنيا ، ( وَبَنِيهِ ) حذرا من مطالبتهم إياه بما بينه وبينهم من التبعات والمظالم . وقال بعضهم : معنى قوله ( يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ) يفرّ عن أخيه لئلا يراه وما ينـزل به . اهـ .
- أقول – والله أعلم – سبب هذا الترتيب في آية المعارج قدّم ذِكر البنين ، مع أنه موضع مُفاداة ؛ لأن الإنسان في الدنيا مُستعدّ لبذل الغالي والنفيس بل والتضحية بنفسه دون أبنائه ، ومع ذلك فإنه يوم القيامة يودّ ويتمنّى لو افتدى نفسه بهم عكس ما كان في الدنيا .
- وفي آية عبس قَـدّم الأخ في موضع الفرار منه لأن الإنسان في الدنيا إذا نزل به ما يكره أو نـزلت به ضائقة وما أشبهها فزع إلى أخيه أو إلى إخوانه ، ومع ذلك في ذلك اليوم العصيب يفرّ المرء من أخيه لا إليه .
- والله تعالى أعلى وأعلم .
- تفسير قوله تعالى"يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وَبَنِيهِ: ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
- ••••••••••••
- قال الله تعالى:
- ••••••••••••
- { فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ } * { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ } * { وَأُمِّهِ وَأَبِيـــهِ } * { وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ } * { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ } * { ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ } * { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَــــا غَبَرَةٌ } * { تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } * { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَفَرَةُ ٱلْفَجَرَةُ }
- قال العلامة الشريف ابن عجيبة الحسني رحمه الله :
- •••••••••••••••••••
- يقول الحق جلّ جلاله:
- •••••••••••••••••••
- { فإِذا جاءت الصَّاخةُ } أي: صيحة القيامة، وهي في الأصل: الداهية العظيمة، وسُميت بذلك لأنَّ الخلائق يَصخون لها، اي: يُصيخون لها، مِن: صَخَّ لحديثه: إذا أصاخ له واستمع، وُصفت بها النفخة الثانية لأنَّ الناس يصخون لها، وقيل: هي الصيحة التي تصخ الآذان، أي: تصمها، لشدة وقعها. وجواب (إذا): محذوف أي: كان من أمر الله ما لا يدخل تحت نطاق العبارة، يدل عليه قوله: { يومَ يفرُّ المرءُ من أخيه } ، فالظرف متعلق بذلك الجواب، وقيل: منصوب بأعني، وقيل: بدل من " إذا " أي: يهرب من أخيه لاشتغاله بنفسه، فلا يلتفت إليه ولا يسأل عنه، { و } يفرُّ أيضاً من { أُمهِ وأبيهِ } مع شدة محبتهم فيه في الدنيا، { وصاحبتهِ } أي: زوجته { وبنيهِ } ، بدأ بالأخ ثم بالأبوين؛ لأنهما أقرب منه, ثم بالصاحبة والبنين؛ لأنهم أحبُّ، فالآية من باب الترقي. وقيل: أول مَن يفرُّ من أخيه: هابيل، ومن أبويه: إبراهيم، ومن صاحبته: نوح ولوط، ومن ابنه: نوح. { لكل امرىءٍ منهم يومئذٍ شأنٌ يُغْنيه } أي: لكل واحد من المذكورين شغل شاغل، وخطب هائل، يكفيه في الاهتمام به، ويشغله عن غيره.
- ثم بيَّن أحوال المذكورين وانقسامهم إلى السعداء والأشقياء، بعد ذكر وقوعهم في داهية دهياء، فقال: { وجوه يومئذٍ مُسْفِرةٌ } أي: مضيئة متهللة، من: أسفر الصبح: إذا أضاء، قيل: ذلك مِن قيام الليل، وقيل:
- مِن إشراق أنوار الإيمان في قلوبهم، { ضاحكةٌ مستبشرةٌ } بما تُشاهد من النعيم المقيم والبهجة الدائمة. { ووجوه يومئذٍ عليها غبرةٌ } أي: غبار وكدور، { تَرهقها } أي: تعلوها وتغشاها { قَتَرَةٌ } أي: سواد وظُلمة { أولئك هم الكفرةُ } ، الإشارة إلى أصحاب تلك الوجوه. وما فيه من معنى البُعد للإيذان ببُعد درجتهم في السوء، أي: أولئك الموصوفون بسواد الوجوه وغبرتها هم الكفرة { الفجرةُ } أي: الجامعون بين الكفر والفجور، ولذلك جمع الله لهم بين السواد والغبرة. نسأل الله السلامة والعافية.
- الإشارة: فإذا جاءت الصاخة، أي: النفحة الإلهية التي تجذب القلوب إلى الحضرة القدسية, فتأنّست القلوب بالله، وفرتْ مما سواه فترى الرجل حين تهب عليه هذه النفحة، بواسطة أو بغير واسطة، يفر من الخلق، الأقارب والأجانب، أُنساً بالله وشُغلاً بذكره، لا يزال هكذا حتى يصل إلى مولاه، ويتمكن من شهوده أيَّ تمكُّن، فحينئذ يخالط الناسَ بجسمه, ويفارقهم بقلبه، كما قالت رابعة العدوية رضي الله عنها:
- إِنَّي جَعلتُكَ في الفُؤَادِ مُحَدّثي وأَبَحْتُ جسمي مَنْ أراد جُلوسي
- فَالْجِسْمُ مني لِلْجَلِيس مُؤَانِس وحبيبُ قَلْبي في الفُؤادِ أنِيسي
- قال القشيري: قالوا: الاستقامة أن تشهد الوقت قيامة، فَما مِن وَلِيًّ وعارفٍ إلاّ وهو اليومَ يَفرُّ بقلبه من الجميع؛ لأنّ لكل شأناً يُغنيه، فالعارفُ مع الخَلْق لا بقلبه، ثم ذكر شعر رابعةُ.
- وقال الورتجبي: أكّد الله أمر نصيحته لعباده ألاّ يعتمدوا على مَن سواه في الدنيا والآخرة، وأنَّ ما سواه لا ينقذه مِن قبض الله حتى يفرّ مما دون الله إلى الله. هـ. وقال في قوله تعالى: { لكل امرىء منهم يومئذ شأن يُغنيه }: لكل واحدٍ منهم شأن يشغله، وللعارف شأن مع الله في مشاهدته، يُغنيه عما سوى الله. هـ.
- قوله تعالى: { وجوه يومئذ مُسْفِرة ضاحكة مستبشِرة } كل مَن أَسفر عن ليل وجوده ضياءُ نهار معرفته، فوجهه يوم القيامة مُسْفِر بنور الحبيب, ضاحك لشهوده، مستبشر بدوام إقباله ورضوانه. وقال أبو طاهر: كشف عنها سُتور الغفلة، فضحكت بالدنو من الحق، واستبشرت بمشاهدته. وقال ابن عطاء: أسفر تلك الوجوه نظرُها إلى مولاها، وأضحكها رضاه عنها. هـ. قال القشيري: ضاحكة مستبشرة بأسبابٍ مختلفة، فمنهم مَن استبشر بوصوله إلى حبيبه، ومنهم بوصوله إلى الحور، ومنهم، ومنهم، وبعضهم لأنه نظر إلى ربِّه فرأه، ووجوه عليها غبرة الفراقُ، يرهقها ذُلُّ الحجاب والبعاد. هـ.
- قال الورتجبي: { وجوه يومئذ مُسْفِرة } ، وجوه العارفين مُسْفرة بطلوع إسفار صبح تجلِّي جمال الحق فيها، ضاحِكة مِن الفرح بوصولها إلى مشاهدة حبيبها، مستبشرة بخطابه ووجدان رضاه، والعلم ببقائها مع بقاء الله. ثم وصف وجوه الأعداء والمدّعين فقال: { ووجوه يومئذٍ عليه غبرةُ } الفراقِ يوم التلاق، وعليها قَتر ذل الحجاب، وظلمة العذاب ـ نعوذ بالله من العتاب ـ قال السري: ظاهر عليها حزن البعاد؛ لأنها صارت محجوبة، عن الباب مطرودة، وقال سَهْلٌ: غلب عليها إعراض الله عنها، ومقته إياها، فهي تزداد في كل يوم ظلمة وقترة. هـ.
- اللهم أسفر وجوهنا بنور ذاتك، وأضحكنا وبَشِّرنا بين أوليائك في الدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم تسليماً.
- •••••••
- السؤال:
- •••••••
- ما الحكمة من ترتيب أفراد الأسرة في سورة عبس وفي سورة المعارج ؟
- ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
- السلام عليكم
- ••••••••••
- قال تعالى :
- ••••••••••
- ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ) سورة عبس
- وقال تعالى : ( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ ) سورة المعارج.
- ما الحكمة من ترتيب أعضاء الأسرة ؟ مثلا في الآية الأولى قدّم الصاحبة على البنيين ، وفي الثانية قدم البنين على الصاحبة .
- وجزاك الله كل خير
- •••••••
- الجواب:
- •••••••
- في آية المعارج ( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ )
- قال ابن جرير رحمه الله في آية المعارج : بدأ جلّ ثناؤه بِذِكر البنين ، ثم الصاحبة ، ثم الأخ ، إعلاما منه عباده أن الكافر من عظيم ما ينزل به يومئذ من البلاء يفتدي نفسه لو وَجَد إلى ذلك سبيلاً بأحبّ الناس إليه كان في الدنيا ، وأقربهم إليه نسبا . اهـ .
- وفي آية عبس ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِــــــهِ وَبَنِيهِ )
- قال ابن جرير أيضا : ويعني بقوله : ( يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ) يفرّ عن أخيه وأمه وأبيه ، ( وَصَاحِبَتِهِ ) يعني زوجته التي كانت زوجته في الدنيا ، ( وَبَنِيهِ ) حذرا من مطالبتهم إياه بما بينه وبينهم من التبعات والمظالم . وقال بعضهم : معنى قوله ( يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ) يفرّ عن أخيه لئلا يراه وما ينـزل به . اهـ .
- أقول – والله أعلم – سبب هذا الترتيب في آية المعارج قدّم ذِكر البنين ، مع أنه موضع مُفاداة ؛ لأن الإنسان في الدنيا مُستعدّ لبذل الغالي والنفيس بل والتضحية بنفسه دون أبنائه ، ومع ذلك فإنه يوم القيامة يودّ ويتمنّى لو افتدى نفسه بهم عكس ما كان في الدنيا .
- وفي آية عبس قَـدّم الأخ في موضع الفرار منه لأن الإنسان في الدنيا إذا نزل به ما يكره أو نـزلت به ضائقة وما أشبهها فزع إلى أخيه أو إلى إخوانه ، ومع ذلك في ذلك اليوم العصيب يفرّ المرء من أخيه لا إليه .
- والله تعالى أعلى وأعلم .
الأربعاء، 14 يناير 2015
"يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وَبَنِيهِ:
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق