اضغط على زر تشغيل اشكيك لمين .. كاظلم الساهر
Mona Samy
عنها .. أتحدث
ينظر السفهاء من الناس إلى المرأة ويختزلونها في مجرد جسد لا أكثر، منهم من يسعى لسجنه خلف الجدران كقطعة أثاث، ومنهم من يسعى لاستغلاله وتعريته في سبيل المال، ومنهم من يتحرش بهذا الجسد إشباعا للذة مريضة، وعلى نهج السفاهة يتمادى البعض ويحملونها هي المسئولية ويلومونها عن ذلك. هؤلاء جميعا بلا استثناء قد أهانوا المرأة وأساءوا لها كل بطريقته، وكأهم يعاقبونها طيلة العمر لأنها ولدت أنثى.
الحقيقة أنه على مر الزمن كانت المرأة حاضرة في اللحظات الحرجة في تاريخ البشر ولها من الفضل الكثير، حتى في تاريخ الأنبياء أنفسهم، نجد موسى معرضا للقتل وهو رضيع لولا أن هيأ الله له امرأة فرعون سببا في إنقاذه ورعايته. وعندما هرب من مصر بلا هدى إذ بإحدى الفتاتين تتوسط له عند أبيها بل وتضع القاعدة الرئيسية في توظيف الناس عندما قالت لأبيها "إن خير من استأجرت القوي الأمين".... وعندما كان عيسى أيضا معرضا للقتل وهو صغير إذ بأمه من ترعاه وتهرب به إلى مصر وتتنقل به من بلدة لأخرى حتى وصلت إلى مدن صعيد مصر... وعندما كان محمد خائفا فزعا بعدما نزل الوحي لم يهدئ من روعه ويطمئنه سوى الزوجة المخلصة التي كانت أول من آمن به. وعندما انهزم الناس في أحد وهرب الكثير بحياته إذ يثبت مع النبي فيمن ثبت امرأة تمسك السيف والدرع وتقف بجسارة تحارب وتدافع عنه بشجاعة نادرة في الوقت الذي فر فيه الكثير من الرجال. تلك الأمثلة من النساء لم يذكر التاريخ شيئا عن صورتهن ووصفهن، ولكن ذكرهن التاريخ لأنهن شخصيات عظيمة لا ينكر فضلهن إلا جاحد.
والحقيقة أننا لسنا بحاجة إلى أمثلة لشخصيات معروفة، ومشهورة، يكفي أن تنظر أنت إلى المرأة الغير مشهورة التي أنجبتك ورعتك منذ كنت طفلا ضعيفا بلا حول ولا قوة وحتى صرت قويا ولك يد تبطش، أو انظر إلى الأخت التي تخدمك طواعية بحب، وتحنو عليك رغم سخافتك وتسلطك عليها، وتتحمل منك ذلك لأنها ببساطة تنظر إليك بثقة ورجاء، ترى فيك الحائط الذي تستند إليه وتحتمي خلفه أمام تهديدات العالم، تلجأ إليك وتثق أنك ستجبر ضعفها وتحميها... ترجو منك أن تكون لها رجلا. ليست هي وحدها التي ترى فيك رجلا، أيضا ابنة خالتك وابنة عمك وجارتك في البيت المجاور وزميلتك في الدراسة والعمل وابنة وطنك التي تحيا معك على نفس الأرض وتحت نفس السماء ... كلهن يرونك رجلا، يرجون منك خيراً. فإذا فاجأتها أنت وبدلا من أن تكون لها درعا إذ بك تكون النصل الذي يجرحها، فحينها يجتمع عليها نوعان من الألم، ألم الجرح الظاهري، وألم معنوي من صدمتها منك.
المرأة هي تلك الساحرة الطيبة التي تظهر حاملة في يدها عصا صغيرة، بلمسة منها يظهر السحر وتتحول الحياة الجافة الى واحة مليئة بالحياة... الحياة أنثى.
وإنصافا للرجولة، فيجب أن نتعلم أن الرجولة ليست هي الصنف البشري المسمى بالذكور، فنحن قد نولد ذكرا بلا أي مجهود منا ولا فضل، لكننا نحن من تختار في مواقفنا أن نكون رجالا أو لا نكون. وكم من امرأة هي في مواقفها أكثر رجولة من حفنة ذكور.
مقال "عنها أتحدث" مسروق وليس للكاتبة منى سامي
ردحذفالمقال الأصلي منشور في جريدة الاتجاه في يونيو 2014
http://ftp.aletgahnews.com/news/View/54487/%D8%B9%D9%86%D9%87%D8%A7-%D8%A3%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%AB/
مقال عنها أتحدث مسروق
ردحذف