( جريدة الشعر والشعراء )
رئيس التحرير
عبد الحميد الجمال
••••••••••••
حلقة الدكتور مصطفى محمود عن اللغة العربية وقدمها
••••••••••••••••••
الشاعرالباحث العربى العراقى الكبير
كريـــــم الأســــــــدي
كريـــــم الأســــــــدي
••••••••••••••••••
موضوع مهم جداً جداً
•••••••••••••••••••
لا تجدونه في المراجع والمصادر بسهولة
تلبية لطلب بعض الأصدقــــاء والصديقات
هذا موضوع لبعض الضرورات الشــعرية
مثل القصر والمد والإشــــباع والاختلاس
وتغيير الحركات ، وتسكين المتحــــــــرك
وتحريــــــــــــك الســــــــــــــــــــــــــــاكن
من كتابي المفصل عنها
•••••••••••••••••••
كريم مرزة الأسدي
•••••••••••••••••••
1 - قصر الممدود :
جائز عند أقطاب المدرستين البصرية والكوفية بالإجماع ، وشائع جدا في الشعر العربي منذ الجاهلية حتى يومنا ، وقد قال ابن مالك عنه في (ألفيته) :
•••
وقصر ذي المدِّ اضطراراً مجمعُ ••• عليهِ ،والعكسُ بخلفٍ يقعُ
•••
فكما تقرأ : القصر مجمع عليه لدى البصريين والكوفيين ، فاحتجاج الشاعر الكريم - ولا أظنه شاعراً عمودياً - على قصر ( البقاء )إلى (البقا) في الشطر(مَنْ عاشَ عاشَ ومِنْ يمتْ فلهُ البقا ) ، ليس صائباً ، ،لأنه جائز بالإجماع ، وشائع لدى كلّ الشعراء - كما أسلفنا - ، وإليك ، قال النمر بن تولب ، وهو شاعر مخضرم بين الجاهلية والإسلام ، وأسلم ، وقصر الكلمة نفسها التي قصرتها (البقاء) :
•••
يَسُرّ الْفَتَى طُول السَّلَامَة وَالْبَقَا ••• فَكَيْف تَرَى طُول السَّلَامَة يَفْعَل
•••
وكذلك وردت كلمتا ( الحياء ، السماء) مقصورتين في أشطر قصيدتي التالية : (ولِمَ الحيا أمن الضعيفِ الأوهدِ؟!) ، (وتعلّقي بالعرشِ وارثةَ الســــما) ، وجميعها - مع البقا - شائعة الاستعمال في الشعر العربي قديمه وحديثه ، وهي رائعة في مكانها ، فيجب على الشاعر المجيد أن يحسن توظيف الضرورة ،وذلك يرجع لموهبته ، ومدى سعة ذخيرته الأدبية !!
•••
•••
قلتُ : ابتسم ، يكفي التجهم في السما
•••
وإليك قول الشاعر الذي قصر( أساء) إلى (أسا) :
•••
ليت شعري أمحسن من أسا بي ••• وقليلٌ أجداءُ يا ليت شعري
•••
والشريف الرضي يقصر (كربلاء) ، و(بلاء) في شطر واحد : (كرْبَلا، لا زِلْتِ كَرْباً وَبَلا) ، وعجز بيت المثل السائر (لابد من صنعا وإن طال السفر ) ، قد قصرت (صنعاء) إلى (صنعا) ،
•••
2 - مد المقصور :
ولا أطيل عليك ، والأمثلة تكفي ، وستأتي ! ، الذي لم يجزه البصريون ، ونحن اليوم نسير على نحوهم ، مد المقصور ، وكما مرّ عليك ابن مالك قد أجازه قائلاً : (العكس يقع ) ، ولكنه غير مجمع عليه ، وأبو العباس المبرد شيخ البصريين في عصره ، يعلل بـ (كامله) ، سبب إجازة القصر ، لا المد بقوله : " وذلك أن الممدود قبل آخره ألف زائدة، فإذا احتاج حذفها لأنها ألف زائدة، فإذا حذفها رد الشيء إلى أصله، ولو مد المقصور لكان زائداً في الشيء ما ليس منه " (الكامل : المبرد -الوراق - الموسوعة الشاملة 1/ 57) .
ولكن أبا تمام(ت 228 هـ)الذي سبق المبرد (ت 285 هـ) بجيل، قصر ومدّ في بيت واحد قائلاً :
•••
ورث الندى وحوى النُّهى وبنى العلا ••• ورجا الدجى ورما الفضا بهداء
•••
قصر (الفضاء)إلى ( الفضا)، ومد (الهدى) إلى (هداء ) ، والجواهري في عصرنا ، لم يلتفت إلى مذهب البصريين ، وسار على مذهب قومه الكوفيين ، فمدّ (ضحى) إلى (ضحاء) في وصف سامراء ، ببيته التالي :
•••
بلدٌ تساوى الحسن فيه فليله ••• كنهاره وضحاؤه كأصيله
•••
ولكن في البيت الآتي اختلف البصريون والكوفيون حول كلمة (غناء)
•••
سيُغنيني الذي أغْناك عنّي ••• فلا فقرٌ يَدومُ ولا (غِنـَاءُ)
•••
ابن منظور في (لسانه - مادة غنا ) يعتبرها من (الغنى) ضد الفقر، أي بالألف المقصورة ، ، وهو محق ، بدليل - والكلام لي - ، ورد طباقها (فقر) بالعجز نفسه ، إذن مدّ الشاعر المقصور ، وهذا البيت أوقع خلافاً بين الكوفيين والبصريين على مدّ المقصور ، إذ يذهب البصريون أنّ (الغناء) مصدر لـ (غانيت)، لا لـ (غنيت) ، وهذا تعسف منهم ، والكوفيون يصرّون على صحة رأيهم - وأنا معهم - ويستشهدون بقول الشاعر :
•••
قد علمتْ أمّ أبي السّعلاءِ ••• وعلمت ذاك مع الجراءِ
أنْ نِعْم مأكولاً على الخــــواءِ ••• يا لك من تمرٍ ومنْ شيشاءِ
•••
ينشب في المسعلِ واللهاءِ
والسعلاء والخواء واللهاء ،،، كلّه مقصور في الأصل ، ومدّه لضرورة الشعر ، فدلّ على جوازه ، هذه وجهة نظرنا ، فنحن على مذهب الكوفيين كالمتنبي والجواهري في هذه المسألة ( إذا أردت التوسع ، راجع : نشأة النحو العربي ومسيرته الكوفية - ص 68 - 76 - لكاتب هذه السطور - توجد كل المصادر بدقة ).
•••
يعني تبليغ وإشباع الحركة حتى يتولد منها حرف من جنسها , لكي يستقيم الوزن , فنشبع الضمة إلى الواو ، والكسرة إلى الياء ، والفتحة إلى الألف , وكما شرحنا من قبل - في علم العروض - أنّ الكم الصوتي لحرف اللين أكبر من الكم الصوتي للحركة المجانسة له ، ولكن ليس بكثير ، فيمكن في حالات خاصة لضرورة ، إشباع الحركات لتولد حروف لينها ، أو اختلاس الحروف لتصبح حركات جنسها ، وقد يكون الإشباع واجباً ، نظراً لأحكام الشعر ، كالحركات الأخيرة لصدر البيت وعجزه ، وإليك قول مجنون ليلى ، وقد أشبع حركة الفتح في قافية الصدر والعجز إلى الألف :
•••
ألا ليت شعري مالليلى وماليا ••• وماللصبا من بعد شيب علانيا
•••
وكذلك كحركة ضمير الغائب المفرد ، إذا سبقه حرف متحرك ، مثل : ( لَهُ) تصبح (لَهو)، و(بهِ) تغدو(بهي)،و(كلّهمُ) تمسي(كلَّهمو) ،ولكن في (منْهُ)،و( عنْهُ)... للشاعر الخيار بالإشباع أو عدمه ومن ذلك قول الشاعرمسكين الدارمي ربيعة بن عامر بن أنيف وقد أشبع حركة الكاف مرتين ، و الخاء ،والهاء في صدر البيت التالي ، وقصر الهيجاء إلى الهيجا في عجزه :
•••
أخاكا أخاكا إن من لاأخا لهو ••• كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاحِ
•••
البيت من (الطويل)، يمكن عدم إشباع حركتي الفتح للكافين ، فتقبض تفعيلتي (فعولن ، مفاعيلن) ، فتصبحان ( فعولُ، مفاعلن) ،وهما من جوازات الطويل ، فيكتب البيت على الشكل الآتي :
•••
أخاكَ أخاكَ إنْ من لا أخاً لهو ••• كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاحِ
•••
ولكن يجب إشباع حرف الخاء لاستقامة الوزن ، ناهيك عن إشباع الهاء فهو لازم ، وكذلك قول الفرزدق وقد أشبع حركة الفتحة في راء الورَق لتصبح وراق حتى يستقيم الوزن :
•••
فظلا يخيطان الوراق عليهما ••• بأيديهما من أكل شرِّ طعامِ
•••
•••
أعوذ بالله من العقراب ••• الشائلات عقد الأذناب
•••
•••
ألم يأتيك والأنباء تنمى ••• بما لاقت لبون بني زياد
•••
4 - الاختلاس:
يعني النطق بالحركة سريعًاً ( خطفاً) ، وهو ضد الإشباع ، أي تقليل موجة الكم الصوتي لحروف اللين إلى مدى كمّ الحركات المجانسة لها ، لكي يستقيم الوزن ، وقد استخدم سيبويه المصطلح ، بقوله : " وأما الذين لا يشبعون فيختلسون اختلاسا " ( دراسات في اللغة - اتحاد الكتاب العرب : 1/ 155 ) . وهو جائز على مستوى الحروف والحركات ، ونعني حركات الضمائرالتي يمكن أن تُختلس ، وتُمنع من الإشباع كـ (منْهُ) ، (عنْهُ) ، (إليْهِ) ، (عليْهِ) ، ، فالحرف قبل الضمير ساكن ، أمّا إذا كان إشباع الضمير واجباً ، لأن الحرف الذي قبل الضمير محرّك، فلا يجوز اختلاسه كـ (لَهُ) ، (بِهِ) ،و (كلَّهُمُ) . فمثلاً البحتري في البيت التالي (الكامل) ، لم يشبع الهاء في كلمة (فيهِ) :
•••
أظْهرْتَ عزّ الدين فيهِ بجحفلٍ ••• لجب يحاط الدين فيه وينصرُ
•••
وسنقطع صدر البيت ، لنعرف علّة عدم الإشباع : أظْهرْتعزْ (متْفاعلن) ، زدْدي نفي(متْفاعلن) ،هبجحْ فلن ( متفاعلن) ، إذا أشبعت كسرة الهاء ، يكسر البيت ، فتصبح التفعيلة (ماتفاعلن) .
ومن هذا الاختلاس الحركي أيضاً، قول السموأل :
•••
وما قلّ منْ كانتْ بقاياه مثلنا ••• شباب ٌ تسامى للعلا وكهول
•••
لم يشبع الشاعر الهاء في كلمة (بقاياهُ)،ولو أشبعها لانكسر الوزن ، تعال معي رجاءً ، سأقطع لك صدره ، الذي يتضمن (بقاياه) ، البيت من الطويل ، وللطويل عروضة واحدة مقبوضة ، فتفعيلات الصدر (فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن ) ، إذن :
وماقلْ (فعولن ) ، لمن كانتْ (مفاعيلن) ، بقايا(فعولن)، همثْ لنا (مفاعلن ) ، ولو شبعت الهاء يتولد لنا هومثْ لنا (مستفعلن) ، وهذا التفعلية غريبة على الطويل ، قينكسر البيت !!
أمّا الحروف فيجب اختلاس ألف (أنا) عند الوصل ، وتثبيتها يُعدّ ضرورة ، ولكن عند الوقف تثبت ، كما في نهاية القافية ،يقول الجواهري :
•••
بأبي أنت لا أبي لكِ كفؤٌ ولا أنا
•••
•••
ولا أنزِلُ الدار المقيمَ بها الأذَى ••• ولا أرْأم الشيْ الذي أنا قادرهْ
•••
فالاختلاس في ألف (أنا) الذي تكتب ولا تنطق، كما أنّ ألف (أنا) قد تكتب وتنطق في حالة الإشباع كقول الشاعر للطرافة :
•••
مرّ الجرادُ على زرعي فقلتُ لهُ ••• الْزْم طريقَك لا تولَعْ بإفْساد
فقال منهم خطيبٌ فوقَ ســـنبلةٍ ••• أنَا على سفَرٍ لا بــدَّ من زادِ
•••
ويمكن اختلاس حروف العلّة ، كما اختلس الشاعرالقديم الألف في كلمة (وصّني) بالشطر التالي: وصّاني العجاج فيما وصَّني
فالألف حوّلت إلى فتحة ضرورة ، وقد حذفت الألف حين كتابة الشعر ، كي يعلم القارئ الكريم أنَّ الاختلاس ضرورة ، وإليك حين تريد قطع همزة وصل ضرورة ، من المفروض أن تضع القطعة فوقها أو تحتها ، كما في كلمة (الاثنين) حين قطعها في الشعر فقط ضرورة تكتبها هكذا (الإثنين ) ، وهذا لا يجوز في النثر مطلقاً .
نعود والعود أحمد للاختلاس ، ففي قصيدتي (يا لعبة الأقدار..) ، أقرّ قارئنا الأديب بجواز الشطر الأول الآتي (خطفاً ) ، أي بسبب ضرورة الآختلاس ، ولكن لم يوفق في تقطيع الشطر الثاني ، مع العلم هي الضرورة نفسها ، إليك:
بدءًا بعدنان ٍوثنّي باحمدِ
بدْأن بعدْ (متْفاعلن) ، نانن وثنْ (متْفاعلن) ،نِبِأحْ مدي (متفاعلن) .
وقد أقرً الرجل بالخطف ، ويعني من حيث يدري أو لا يدري بضرورة الاختلاس ، ونعرج على الشطر الثاني المعني :
إنْ قال كفّاً قولي بلْ كلِّ اليدِ
البيت واضح جدا ، كلّ ما هنالك اختلاس ياء (قولي) إلى الكسر ، بمعنى القراءة الشاعرية السريعة (الخطف) بالاختلاس ،خذ التقطيع إن أردت :
إنْ قالكفْ (متْفاعلن) ،فن قولِبلْ (متفاعلن) ، كلْلِلْ يدي (متْفاعلن ) ، لا أعرف أين شرق وغرّب صاحبي بالتقطيع ...!!
وقد لا تكتب بعض الضرورات الشعرية في دواوين لشعراء مشهورين ، أما السببه قد يكون الإهمال ، أو من باب الخطأ الشائع خير من الصحيح الضائع ، فيترك أمر القراءة لنباهة القارئ اللبيب ، أو لقلة معرفة المشرفين على الطبع ، فمثلاً من أشرف على دواوين الجواهري الكبير ، وقعوا في هذا الخطأ المطبعي ، أو الجواهري نفسه تركه لذوق القارئ وثقافته ، وهي نادرة جداً ، ونحن نذكرها لغرض الدراسة والبحث ، والأمانة العلمية ، فمثلاً قد اختلس ياء (حمورابي) في البيت التالي (البسيط) ، :
•••
هنا حموراب سنَّ العدل معتمداً ••• به على حفظ أفرادٍ وعمرانِ
•••
لم يكتب ياء حمورابي على أساس الاختلاس ، وهذا هو الصحيح ، فلو كتب الياء ، التفعيلة الثانية تكون (فاعيلن ) ، وليس (فاعلن) ، فينكسر البيت ، وكاتب هذه السطور ، أيضا لم يكتب ياء المخاطبة ، وعوضها بالكسرة للضرورة نفسها ، في الشطر (فدعِ العـــــراقَ بشعبهِ وترابهِ ) .
نرجع ،وفي البيت الآتي يختلس الجواهري ألف (غاندي ) لفظاً ، وتكتب في الديوان خطأً ، لأن بوجود الألف ، لا يستقيم وزن (فاعلاتن) إلاّ بـ (صانغن دي) بالاختلاس، البيت من (الخفيف) ، وكتبت التدوير صحيحاً ، وليس كما ورد في الديوان ، إذ كتبت الهند كلها في العجز :
•••
صان غاندي دم الجموع وصانَ الـ •••هندَ أن تستبيحها شعواء
•••
•••
براها سلام كلمـــــــــــــا ••• خفق الصباح على جناحِ
•••
لايستقيم الوزن إلا باختلاس ألف براها (برَهَا سلا متفاعلن) ، وقد كتبت الألف ، والأفضل عدم كتابتها .
لكي لا نطيل عليك ، ونترك سعة للراحة والتأمل والإعادة والإفادة ، ولك أنْ تحسب ما تشاء ، ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله ) ، شكراً لصبركم الجميل .
•••
يعني تبليغ وإشباع الحركة حتى يتولد منها حرف من جنسها , لكي يستقيم الوزن , فنشبع الضمة إلى الواو ، والكسرة إلى الياء ، والفتحة إلى الألف , وكما شرحنا من قبل - في علم العروض - أنّ الكم الصوتي لحرف اللين أكبر من الكم الصوتي للحركة المجانسة له ، ولكن ليس بكثير ، فيمكن في حالات خاصة لضرورة ، إشباع الحركات لتولد حروف لينها ، أو اختلاس الحروف لتصبح حركات جنسها ، وقد يكون الإشباع واجباً ، نظراً لأحكام الشعر ، كالحركات الأخيرة لصدر البيت وعجزه ، وإليك قول مجنون ليلى ، وقد أشبع حركة الفتح في قافية الصدر والعجز إلى الألف :
•••
ألا ليت شعري مالليلى وماليـــا ••• وماللصبا من بعد شيب علانيا
•••
وكذلك كحركة ضمير الغائب المفرد ، إذا سبقه حرف متحرك ، مثل : ( لَهُ) تصبح (لَهو)، و(بهِ) تغدو(بهي)،و(كلّهمُ) تمسي(كلَّهمو) ،ولكن في (منْهُ)،و( عنْهُ)... للشاعر الخيار بالإشباع أو عدمه ومن ذلك قول الشاعرمسكين الدارمي ربيعة بن عامر بن أنيف وقد أشبع حركة الكاف مرتين ، و الخاء ،والهاء في صدر البيت التالي ، وقصر الهيجاء إلى الهيجا في عجزه :
•••
أخاكا أخاكا إن من لاأخا لهو ••• كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاحِ
•••
البيت من (الطويل)، يمكن عدم إشباع حركتي الفتح للكافين ، فتقبض تفعيلتي (فعولن ، مفاعيلن) ، فتصبحان ( فعولُ، مفاعلن) ،وهما من جوازات الطويل ، فيكتب البيت على الشكل الآتي :
•••
أخاكَ أخاكَ إنْ من لا أخاً لهو••• كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاحِ
•••
ولكن يجب إشباع حرف الخاء لاستقامة الوزن ، ناهيك عن إشباع الهاء فهو لازم ، وكذلك قول الفرزدق وقد أشبع حركة الفتحة في راء الورَق لتصبح وراق حتى يستقيم الوزن :
•••
فظلا يخيطان الوراق عليهما ••• بأيديهما من أكل شرِّ طعامِ
•••
•••
أعوذ بالله من العقراب ••• الشائلات عقد الأذناب
•••
ويذكر ابن رشيق في (عمدته) (الوراق - الموسوعة الشاملة : 1/ 205) قول قيس بن زهير ، وقد أشبع حركة تاء الفعل المجزوم (يأتيك) :
•••
ألم يأتيك والأنباء تنمى ••• بما لاقت لبون بني زياد
•••
4 - الاختلاس:
يعني النطق بالحركة سريعًاً ( خطفاً) ، وهو ضد الإشباع ، أي تقليل موجة الكم الصوتي لحروف اللين إلى مدى كمّ الحركات المجانسة لها ، لكي يستقيم الوزن ، وقد استخدم سيبويه المصطلح ، بقوله : " وأما الذين لا يشبعون فيختلسون اختلاسا " ( دراسات في اللغة - اتحاد الكتاب العرب : 1/ 155 ) . وهو جائز على مستوى الحروف والحركات ، ونعني حركات الضمائرالتي يمكن أن تُختلس ، وتُمنع من الإشباع كـ (منْهُ) ، (عنْهُ) ، (إليْهِ) ، (عليْهِ) ، ، فالحرف قبل الضمير ساكن ، أمّا إذا كان إشباع الضمير واجباً ، لأن الحرف الذي قبل الضمير محرّك، فلا يجوز اختلاسه كـ (لَهُ) ، (بِهِ) ،و (كلَّهُمُ) . فمثلاً البحتري في البيت التالي (الكامل) ، لم يشبع الهاء في كلمة (فيهِ) :
•••
أظْهرْتَ عزّ الدين فيهِ بجحفلٍ ••• لجب يحاط الدين فيه وينصرُ
•••
وسنقطع صدر البيت ، لنعرف علّة عدم الإشباع : أظْهرْتعزْ (متْفاعلن) ، زدْدي نفي(متْفاعلن) ،هبجحْ فلن ( متفاعلن) ، إذا أشبعت كسرة الهاء ، يكسر البيت ، فتصبح التفعيلة (ماتفاعلن) .
ومن هذا الاختلاس الحركي أيضاً، قول السموأل :
•••
وما قلّ منْ كانتْ بقاياه مثلنا ••• شباب ٌ تسامى للعلا وكهول
•••
لم يشبع الشاعر الهاء في كلمة (بقاياهُ)،ولو أشبعها لانكسر الوزن ، تعال معي رجاءً ، سأقطع لك صدره ، الذي يتضمن (بقاياه) ، البيت من الطويل ، وللطويل عروضة واحدة مقبوضة ، فتفعيلات الصدر (فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن ) ، إذن :
وماقلْ (فعولن ) ، لمن كانتْ (مفاعيلن) ، بقايا(فعولن)، همثْ لنا (مفاعلن ) ، ولو شبعت الهاء يتولد لنا هومثْ لنا (مستفعلن) ، وهذا التفعلية غريبة على الطويل ، قينكسر البيت !!
أمّا الحروف فيجب اختلاس ألف (أنا) عند الوصل ، وتثبيتها يُعدّ ضرورة ، ولكن عند الوقف تثبت ، كما في نهاية القافية ،يقول الجواهري :
بأبي أنت لا أبي لكِ كفؤٌ ولا أنا
ومثال الاختلاس أيضاً قول المغيرة بن حبناء :
•••
ولا أنزِلُ الدار المقيمَ بها الأذَى ••• ولا أرْأم الشيْ الذي أنا قادرهْ
•••
فالاختلاس في ألف (أنا) الذي تكتب ولا تنطق، كما أنّ ألف (أنا) قد تكتب وتنطق في حالة الإشباع كقول الشاعر للطرافة :
•••
مرّ الجرادُ على زرعي فقلتُ لهُ ••• الْزْم طريقَك لا تولَعْ بإفْساد
فقال منهم خطيبٌ فـوقَ ســـنبلةٍ ••• أنَا على سفَرٍ لا بــدَّ من زادِ
•••
ويمكن اختلاس حروف العلّة ، كما اختلس الشاعرالقديم الألف في كلمة (وصّني) بالشطر التالي: وصّاني العجاج فيما وصَّني
فالألف حوّلت إلى فتحة ضرورة ، وقد حذفت الألف حين كتابة الشعر ، كي يعلم القارئ الكريم أنَّ الاختلاس ضرورة ، وإليك حين تريد قطع همزة وصل ضرورة ، من المفروض أن تضع القطعة فوقها أو تحتها ، كما في كلمة (الاثنين) حين قطعها في الشعر فقط ضرورة تكتبها هكذا (الإثنين ) ، وهذا لا يجوز في النثر مطلقاً .
نعود والعود أحمد للاختلاس ، ففي قصيدتي (يا لعبة الأقدار..) ، أقرّ قارئنا الأديب بجواز الشطر الأول الآتي (خطفاً ) ، أي بسبب ضرورة الآختلاس ، ولكن لم يوفق في تقطيع الشطر الثاني ، مع العلم هي الضرورة نفسها ، إليك:
بدءًا بعدنان ٍوثنّي باحمدِ
بدْأن بعدْ (متْفاعلن) ، نانن وثنْ (متْفاعلن) ،نِبِأحْ مدي (متفاعلن) .
وقد أقرً الرجل بالخطف ، ويعني من حيث يدري أو لا يدري بضرورة الاختلاس ، ونعرج على الشطر الثاني المعني :
إنْ قال كفّاً قولي بلْ كلِّ اليدِ
البيت واضح جدا ، كلّ ما هنالك اختلاس ياء (قولي) إلى الكسر ، بمعنى القراءة الشاعرية السريعة (الخطف) بالاختلاس ،خذ التقطيع إن أردت :
إنْ قالكفْ (متْفاعلن) ،فن قولِبلْ (متفاعلن) ، كلْلِلْ يدي (متْفاعلن ) ، لا أعرف أين شرق وغرّب صاحبي بالتقطيع ...!!
وقد لا تكتب بعض الضرورات الشعرية في دواوين لشعراء مشهورين ، أما السببه قد يكون الإهمال ، أو من باب الخطأ الشائع خير من الصحيح الضائع ، فيترك أمر القراءة لنباهة القارئ اللبيب ، أو لقلة معرفة المشرفين على الطبع ، فمثلاً من أشرف على دواوين الجواهري الكبير ، وقعوا في هذا الخطأ المطبعي ، أو الجواهري نفسه تركه لذوق القارئ وثقافته ، وهي نادرة جداً ، ونحن نذكرها لغرض الدراسة والبحث ، والأمانة العلمية ، فمثلاً قد اختلس ياء (حمورابي) في البيت التالي (البسيط) ، :
•••
هنا حموراب سنَّ العدل معتمداً ••• به على حفظ أفرادٍ وعمرانِ
•••
لم يكتب ياء حمورابي على أساس الاختلاس ، وهذا هو الصحيح ، فلو كتب الياء ، التفعيلة الثانية تكون (فاعيلن ) ، وليس (فاعلن) ، فينكسر البيت ، وكاتب هذه السطور ، أيضا لم يكتب ياء المخاطبة ، وعوضها بالكسرة للضرورة نفسها ، في الشطر (فدعِ العـــــراقَ بشعبهِ وترابهِ ) .
نرجع ،وفي البيت الآتي يختلس الجواهري ألف (غاندي ) لفظاً ، وتكتب في الديوان خطأً ، لأن بوجود الألف ، لا يستقيم وزن (فاعلاتن) إلاّ بـ (صانغن دي) بالاختلاس، البيت من (الخفيف) ، وكتبت التدوير صحيحاً ، وليس كما ورد في الديوان ، إذ كتبت الهند كلها في العجز :
•••
صان غاندي دم الجموع وصانَ الـ ••• هندَ أن تستبيحها شعواء
•••
ومن قصيدة (براها) : من (مجزوء الكامل) :
•••
براها سلام كلما ••• خفق الصباح على جناحِ
•••
لايستقيم الوزن إلا باختلاس ألف براها (برَهَا سلا متفاعلن) ، وقد كتبت الألف ، والأفضل عدم كتابتها .
لكي لا نطيل عليك ، ونترك سعة للراحة والتأمل والإعادة والإفادة ، ولك أنْ تحسب ما تشاء ، ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله ) ، شكراً لصبركم الجميل .
•••
24 - حذف حركة الإعراب : أنشدوا لامرئ القيس :
•••
نعلوهم بالبـــيض مســـــــــــــــــنونةً ••• حتى يروا كالخشـــب الشائل
حلت لي الخمر وكنــــت امـــــــــرأ••• من شربها في شغلٍ شاغل
فاليوم أشربْ غير مستحقبٍ ••• إثماً من الله ولا واغل
•••
علينا من امرئ القيس بيته الأخير ، ومثله للفرزدق:
•••
رحت وفي رجليك ما فيهما ••• وقد بداهنـْك من المئزر
•••
أبيات امرئ القيس من البحر السريع ، وعليه تفعيلات البحر (مستفعلن مستفعلن فاعلن ) ، وبهذا يجب عروضياً أن تكون الباء في (أشربْ) ساكنة ليستقيم الوزن ، ولكن عندما يقول (فاليوم أشربُ) ، فالباء من الناحية الإعرابية ، تكون مضمومة ، فيختل الوزن ويسقط البيت تماما، ومن هنا يكون الشاعر أمام خيارين أحلاهما مرّ ، أمّا يضحي بعربيته ، ويلجأ إلى اللحن ، أو يسقط البيت إلى الى الهاوية ، وبالتالي القصيدة كلّها ، لأن القصيدة وحدة عضوية متكاملة مترابطة نحو وصرفاً ووزناً ، شكلاً ومضمونا ، والرجل قائد لواء الشعراء ، فضجّ اللغويون والنحويون والعروضيون ، وحاولوا إيجاد مخرجاً لهذا الخلل النحوي العروضي ، وهو أقبح الضرورات على الإطلاق ، فزعم قوم أن الرواية الصحيحة لبيت امرئ القيس الأخير : اليوم أسقى...، وبذلك كان المبرد يقول، وقال الآخرون: بل خاطب نفسه كما يخاطب غيره أمراً، فقال: فاليوم اشربْ ، وقال سيبويه : وقد يسكن بعضهم في الشعر ، ولجأ بعضهم إلى القراءة السبعية ، ومن هذه القراءات ، قراءة أبي عمرو بن العلاء البصري ، فقد سكّن راء (يأمركم) في الآيتين الكريمتين - وغيرهما -:
•••
" إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة" ( البقرة : 67)
"إنما يأمركم بالسوء والفحشاء" (البقرة : 169) (51)
•••
وفي بيت الفرزدق من السريع ( وقد بدا هنـْكَ ...) ، لا يستقيم الوزن إلاً بتسكين النون ضرورة ، ، لذا وجدوا للسيد الفرزدق مخرجاً لطيفاً خلقاً ووزناً ونحواً ، وقالوا الرجل قال : (وقد بدا ذاك من المئزر) ، فعوضوا عن تسكين النون بألف المد ، وهذه الـ (ذاك) ، كناية عن الهن ، حجارة بعصفوريَن !! وإلى المزيد في حلقة قادمة ، وما ذلك ببعيد !!
•••
35 - تسكين المتحرك :
تكلمنا عن حذف حركة الإعراب في الفقرة رقم - 24 -، وكان قول امرئ القيس : (فاليوم أشربْ غير مستحقبٍ) شغلنا الشاغل ، وامرؤ القيس ، والشعراء الجاهليون حجّة على لغتنا بعد القرآن الكريم ، والأحاديث النبوية الشريفة ، والشاهد كلمة (أشربْ) ، وقد سكّن الشاعر الباء ، ولم يتعرض الفعل المضارع لعوامل الجزم ، ولجأنا إلى الضرورة الشعرية ، وامرؤ القيس نفسه ، يقول قبل موته :
•••
ربَّ خطبةٍ مسْحنْفِرة••• وطعنـةٍ مثْعنْجِـرة
وجعبــــةٍ متحبّــــرة ••• تُدفنْ غداً بأنقِــرة
•••
وأمامك (تدفن) وقد سكّنها الشاعر، والفعل المضارع لم يتعرض لعوامل الجزم ، وأدواتها ، يذهب الشيخ الكوني إلى أنّ " هذا السكون ليس سكون اعراب , وإنما هو سكون للتخفيف من توالي الحركات , لأنه إذا توالت الحركات ربما فيه نوع من الثقل على اللسان ..." (80) ، فتسكينها ضبط لحركات اللسان ، وحركات الحروف ، وورد في القرآن الكريم شاهد للتبرير " وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ " (يوسف :
90) ، من وجهة نظري أن الشاعر لم يفكر بالحركات الأربع المتتالية ما بين الساكنين الأصليين ( تُدْفنُ غَدَاً /ه////ه) ، فاللفظ المتكاوس في القافية معروف ، ويتشكل من أربع حركات بين ساكنين ، فالشاعر الملك الضليل سكّن نون (تدْفنْ) لاستقامة الوزن ضرورةً شعرية . وهنالك من يجد العذر للشاعر ، فيجعل من تسكين الكلمة تجاوزاً للإعراب قد ورد في القرآن الكريم " فَتُوبُوا إِلَى بَارِئْكُمْ " (البقرة: 54) ، بإسكان الهمزة على قراءة أبي عمرو بن العلاء،وهنالك من يعتبرها لغة بعض القبائل،أو أفخاذها ، كما في الشاهد :
•••
فَمَا سَوَّدَتْنِي عَامِرٌ عَنْ وِرَاثَةٍ ••• أَبَى اللهُ أَنْ أَسْمُوْ بِأُمٍّ وَلاَ أَبِ
•••
كما ترى قد سكّن الشاعر كلمة (آسموْ) ، وحقّها حركة الفتح ، لأنها منصوبة بـ (أنْ)، وكذلك قول جرير ، وقد سكّن فاء (تعرفْكم) في البيت الآتي :
•••
سِيرُوا بَنِي العَمِّ فَالأَهْوَازُ مَوْعِدُكُمْ وَنَهْرُ تِبْرَى فَلاَ تَعْرِفْكُمُ العَرَبُ
•••
وهذا قول الأعشى من المتقارب ، وقد مدح قيس بن معدى كرب :
•••
إلى المرء قيس أطيل السرى••• وآخذ من كل حى عصم
•••
و (عصمْ) أصلها عصماً، ووقف الشاعرعلى الميم ساكناً ، وهي لغة ربيعة ، فإنهم يجيزون تسكين المنصوب المنون في الوقف . (81)ومن الرمل :
•••
يا أبا الاسود لمْ خليتني ••• لهموم طارقات وذكر
•••
على أنه سكن الميم من ( لم ) إجراء للوصل مجرى الوقف ، و (لم) معناه لاجل أي شئ.. خليتني ومن الوافر لحسان بن ثابت :
•••
قالت سليمى اشترْ لنا سويقا
•••
يعقب الأستربادي في (شرحه لشافية ابن الحاجب ) على هذا الصدر : إن الشاعر سكن الراء، وهى عين الفعل (شرى)، وكان حقها الكسر، كأنه توهم أنها لام الفعل فسكن الامر رديا يا فتى، وهذه لغة رديئة، وإنما هو غلط . (82)
وهذا أبو العلاء المعري سكّن الحرف لغوياً لا نحوياً :
•••
وقد يقالُ عثار الرجل ِ إن عثرت ••• ولا يقالُ عثار الرَجْل ِ إن عثرا
•••
فقد سكن معرينا الجيم في (الرَجُـل ) مع انها في الأصل محرّكة ، وما ذلك إلا ضرورة !
36 - تحريك الساكن :
وعند كلامنا عن تشديد الحرف المخفف ( الفقرة - 31) ، أوردنا الأبيات :
•••
وهبت الريح بمور هبّا ••• تترك ما ابقى الدبا سبسبّا
•••
يورد الرضي في شرح شافيته " والاستشهاد بهذه الابيات في قوله (جدبا والقصبا والتهبا واخصبا وسبسبا) حيث ضعف اواخر ها للوقف ثم حركها ضرورة " (83)
ويقول زياد بن الأعجم محتجاً على رجل من بني عنزه قد سبّه ، والشاعر المسكين لم يضربه ، وراجزاً :
•••
عجبت والدهر كثير عجبه ••• من عنزي سبنى لم اضربه
•••
البيت من شواهد سيبويه ، والاستشهاد به في قوله (لم اضربه) حيث نقل حركة الهاء الى الباء ليكون ابين لها في الوقف ، وذلك من قبيل ان الهاء الساكنة خفية ، فإذا وقف عليها بالسكون وقبلها ساكن كان ذلك اخفى لها ، قال أبو سعيد السيرافى: (انما اختاروا تحريك ما قبل الهاء في الوقف إذا كان ساكنا لانهم إذا وقفوا اسكنوا الهاء وما قبلها ساكن فيجتمع ساكنان والهاء خفية ولا تبين إذا كانت ساكنة وقبلها حرف ساكن فحركوا ما قبلها بالقاء حركتها على ما قبلها وبعضهم - وهم بنو عدى - لما اجتمع الساكنان في الوقف وارادوا ان يحركوا ما قبل الهاء لبيان الهاء حركه بالكسر كما يكسر الحرف الاول لاجتماع الساكنين في نحو قولنا: لم يقم الرجل (84)
نرجع ، إذن (لمْ أضربُهْ) ، من المفترض الباء ساكنة ، لأن الفعل المضارع مجزوم بـ (لم) ، ولكن أعطيت حركة الهاء ، وهي الضمة ، وسكنت الهاء ،فالعرب تقف على ساكن ، ولو سكنت الهاء ، والباء قبلها ساكنة ، لأُبتلِعَت الهاء ، لأنها حرف خفي !!
وإليك هذا البيت من البسيط ، وقد حرّك الشاعر لام (حلـْم)الساكنة ، فصيّرها (حلـُم) :
•••
تباً لطالب دنياً لا بقاء َ لها ••• كأنما هيَ في تصريفها حُـلـُمُ
•••
وقد يُحرّك ساكن في الروي ، إذ يتم بمجيء فعل مضارع مجزوم ، فيحرّك بالكسرة ضرورة بدلاً من السكون ، والكسرة أقرب الحركات إلى السكون ، كما في صدر مطلع معلقة زهير بن أبي سلمى :
•••
أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَةٌ لَـمْ (تَكَـلَّمِ) ••• بِـحَوْمانَة الـدَّرَّاجِ فَالْـمُتَثَلَّـم
•••
أو أن يكون الفعل أساساً ساكن كفعل الأمر ، فيحول الشاعر السكون إلى الكسر وهذا أحمد شوقي في قصيدة نهج البردة يقول :
•••
وقيل : كلُّ نبيٍّ عند رتبتهِ ••• ويا محمدُ هذا العرشُ فاستلمِ
•••
وإذا ألتقى الساكنان ، أينما كان موقعهما ، تتحول إحدى حركتي السكون ،وغالباً الأولى إلى حركة الكسر ، وهذا كثير في الشعر ، وخاصة عندما تأتي تاء التأنيث الساكن ، أو فعل مضارع مجزوم قبل اسم معرّف بالألف واللام ، يقول الجواهري :
•••
•••
أريدُ أكفاً موجعاتٍ خفيفة ً••• عليها - متى ما (شاءتِ ) - اللطماتُ
•••
كما ترى حركة تاء (شاءتِ) الكسر ، وحقها السكون ، لأنها تاء التأنيث الساكنة ، ولكن جاءت بعدها كلمة (اللطمات) ، المعرفة بالألف واللام ، ألف الوصل لا تنطق ، اللام ساكنة ، فيلتقي الساكنان ، فتحولت حركة سكون التاء إلى الكسرة .
و قد تحرّك ميم الجماعة الساكنة (همْ) بالضم أو الكسر ، حسب الحركة التي قبلها - ولا يجوز أن تأتي الفتحة - وتشبع الحركتان ، كقول الفرزدق في مدح الإمام السجّاد ، وقد ضمَّ ميم الجمع في (كلّهُمُ) ، وأشبع الضم ، لتشكيل تفعيلة (فعِلن) ، فالبحر من البسيط :
•••
هذا ابن خير عباد الله (كلّهُمُ ) ••• هذا التقي النقي الطاهر العلمُ
•••والمتنبي في رثاء جدّته ، يكسر ميم(لأنفهمِ) ، ويشبع الكسرة ، لتتشكل التفعيلة (مفاعيلن) ، فالقصيدة من الطويل :
•••
لئن لذ ّ يوم الشامتين بيومها ••• فقد ولدت مني لأنفهـِم ِ رغما
•••
•••
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق