••فتحت الباب بسرعة وألقيت بنفسي داخل سيارة الأجرة .. لم تصدر مني غير كلمة واحدة وجهتها للسائق : البحر .. الجو الخانق اليوم وضجيج السيارات ووجوه الناس القلقة .. المتعبة .. كل ذلك دعاني لأبحث عن متنفس آخر .. لم أجد أفضل منه ..وهاهو أمامي .. كبيرا عظيما .. أية راحة تهبط علي عندما أكون قربه .. نسمات عذبة تداعب خصلات شعري وكأنها تهمس في أذني .. .. بينما أنا هكذا فاذا بقدمي ترتطم بحزمة أوراق موضوعة داخل ملف أخضر .. تلفت حولي علي أجد أحدا .. لكن لا أحد .. الفضول سيطر علي ودعاني لا أفتح الملف وأقرا مابداخل الأوراق ..
•••
(الورقة الاولى)
••••••••••••••
••اليوم قررت أن أخبره بأني راحلة .. نعم اليوم ..لم أعد أطيق صبرا .. مضت خمس سنوات .. ولا أدري كيف مضت ؟ . لا لم تمض .. بل سرقت مني .. الوضع لم يعد يحتمل .. لا يتطلب الأمر مني سوى كلمة واحدة .. كلمة واحدة وتنتهي عذاباتي .. نعم اليوم ساخبره .
•••
(الورقة الثانية)
•••••••••••••
••لم أستطع أن أصارحه .. كأن الكلمات ماتت على لساني قبل أن تولد .. في وجوده .. أصبح كالعبد الأسير في حضرة سيده ..الخوف يكبلني .. لكن لا .. اليوم قررت .. نعم .. كلمتين فقط .. أنا راحلة.
اليوم وليس غدا .
•••
(الورقة الثالثة)
••••••••••••
••اليوم وصل متاخرا .. بعد منتصف الليل .. الوقت غير مناسب لهكذا حديث .. سأخبره غدا .. نعم غدا وليس اليوم .
•••
(الورقة الرابعة )
•••••••••••••
••عندما أقدم له فنجان الشاي .. سأخبره كل شيء .. سأقول له .. لم أعد أطيقك .. لم أشعر بالسعادة يوما معك ..أنت رجل أناني .. لا تحسن الاهتمام بغير نفسك .. لا تعرف للحب معنى .. أنت انسان متحجر القلب والمشاعر .. نعم .. سأخبره ذلك .. لكن .. أين هو .. لا أجده في البيت .. يبدو أنه خرج .. لا بأس .. سأخبره غدا .. غدا وليس اليوم .
•••
(الورقة الخامسة )
•••••••••••••••
••أشعر بالمرض .. لقدرة لي على فعل أي شيء .. لن أكلمه اليوم .. بل غدا .. نعم .. في الغد .. وليس اليوم .
•••
(الورقة السادسة والستون )
••••••••••••••••••••••••
••لدينا ضيوف اليوم .. الوقت غير مناسب اليوم للحديث .. غدا ساكلمه وليس اليوم .
•••
(الورقة المائة بعد التسعين )
••••••••••••••••••••••••
••ذهب اليوم في رحلة صيد مع أصدقائه .. حسنا .. ساكلمه غدا .. ربما .. وليس اليوم .
•••
••مضت ساعة ونصف وأنا اقرأ في الأوراق .. بحثت عن الورقة الأخيرة .. و لم أجدها.