الجمعة، 29 يونيو 2018

صانعــــة الزرابــــــــــــــي . قصــــة للأديبة التونسية / مونيــة ميهـــوب

( جريدة الشعر والشعراء العرب)
■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■


    بقلم الأديبة / منية ميهوب
     ■■■■■■■■■■■■■■■■■
يامسهرنى ـ أم كلثوم
     ■■■■■■■■■■■■■■■■■

    صانعــــة الزرابــــــــــــــي
       ■■■■■■■■■■■■■■■■■
■■ في زقاق ضيق من الازقة التقليدية ،تلعب زهرة ومريم لعبة الحبل تقفزان وتقضمان كسرة خبز مدهون بزيت الزيتون و الهريسة.وظلت برودة شهر جانفي عاجزة عن حملهما الى الداخل حيث الدفئ .إلا أن رذاذ المطر ما فتئ أن تحول فجأة إلى سيل جارف.كسر شوكة تحديهما و جعلهما تذعنان له.فتسرع زهرة الى منزلها بينما تهرول مريم الى اول ملجئ يصادفها فكان دار عمتها زليخة .لما شاهدتها المرأة زجرتها ،لا لكونها تكرهها و إنما لأجل الوحل العالق بحذائها وامرتها بخلعه في الحال ،فاستجابت البنية لكلام عمتها ،و جلست بجوارها على جلد صوفي ناعم .ثم شرعت تاكل معها الملوخية و خبز الشعير لما انتهتا من الغداء التفتت مريم خلفها فرات اطارا كبيرا من أعمدة الخشب ، وخيوطا مربوطة من الاعلى الى الاسفل . وايضا كدسا من كبات الصوف مختلفة الألوان فتعجبت وسألت زليخة قائلة :
- ما هذا يا عمتي ؟ فأجابتها :- تلك هي السداية اي المنسج يا مريم بها اصنع الزرابي الجميلة وابيعها للمقبلات على الزفاف .والآن امكثي بجانبي ولا تفري تحت المطر ،وساحكي لك كيف أصبحت صانعة ماهرة .فصاحت البنية مبتهجة :
- اتفقنا،هيا يا عمتي قصي علي كيف كان ذلك.

■■ قبل المضي في حكايتها تعصفرت زليخة بوشاحها يعني ربطته على جبينها وارسلت طرفيه كجناحي العصفور.ادنت كرسيها القصير من السداية ،تناولت خيط الصوف بيد و المقص باليد الأخرى . ثم انصرفت تعمل وتلوك لبانا في فمها .فكانت تارة تدير الصوف باصابعها البارعة حول الخيوط المتينة وتقصها وطورا تدق بالخلالة وهي كالمشط الكبير لتثبت العقد.و تستمر هكذا و بكل خفة من اليمين الى الشمال ثم على العكس .

■■ ذهلت مريم أمام تلك الحركات الرتيبة والدقيقة ولكنها لم تغفل لحظة عن عمتها زليخة التي بدأت تسرد :
- لما كنت شابة تزوجت بفلاح بسيط ويكبرني في السن .وكنت ككل فصل خريف ارافقه الى الحقل واتتبعه وهو يحرث أرضه البخيلة فارش من ورائه حبوب القمح أو الشعير في التجاعيد التي يرسمها المحراث .محراث اكل عليه الدهر و شرب، شد الى ثور هزيل قد تجاذبته الموت والحياة فترددالمسكين محتارا بينهما .

مالت زليخة لتختار كبة ثانية ورجعت تقول :
- وقت الحصاد وتحت حرقة الشمس اللاذعة،يضع زوجي مظلته ليرد كيد الحرارة ويتقلد منجله العتيد و يخرج ليقص سيقان السنابل الضئيلة.فالتقطها انا واجمعها في حزمات ثم اهوي عليها بالهراوة .عندئذ تطير الحبيبات النحيلة في الهواء ويتبعثر القش كيفما كان .

■■ سكتت زليخة برهة ،انتصبت على مسافة خطوة أو خطوتين تتأمل ثم قطبت جبينها و تمتمت :
 - لا ، ليس على هذا النحو ينبغي أن يكون الرسم.

■■ زليخة ذكية بالرغم انها لم تتعلم في المدرسة.لذلك كانت تستعمل الورق المقوى فتشكل الزينة التي تختارها ثم تسير على منوالها.
■■■■■■■■■■■■■■■■■
تمــت
■■■■■■■■■■■■■■■■■





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق