(جريدة الشعر والشعراء العرب)
■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■
الأديبة التونسية
مونيــة ميهوب
■■■■■■■■■■■■■■■
■■■■■■■■■■■■■■■■■
آلام الجــــــراح
■■■■■■■■■■■■■■■
■■ قد يجرح أحدنا في يوم
من الأيام فنداوي جرحه و يبرأ.لكن جرح هاتين المرأتين لا
أمل في شفائه .لا لشيئ إلا لأنه ليس له دواء.
لقد تسببه الدهر.
الدهر الذي يحل بلاءه بدون استئذان على صاحبه. فلا هو بمانح له
متسعا من الوقت ولا هو بماده بسلاح للرد على هجماته.ينقض صدفة من
السماء عليه تمام كالعقاب الذي سيفتك بفريسته.
وشاءت الأقدار أن
تكون الفريسة التي اختارها عائلة من إحدى العائلات في قريتنا.
التي استيقظت ذات صباح لتجد نفسها أسيرة شراك لا مناص لها منه
ولا خلاص .
وتبدأ الحكاية لما
هرع شوقي الى بيتي وهو يرتعش كورقة في مهب الريح ويستغيث
قائلا:
-انجدني يا رضا ،لقد
حدثت كارثة ،لقد وقع خطب .
فأخذت بيده واجلسته
ولما هدا قليلا أو تبين لي انه كذلك سالتهعن الخبر . فأجابني:
- ابني يا اخي ،لقد
فقدت نادرا منذ قليل يا رضا.و انفجر باكيا.
فقلت له :
- ما له نادر ؟هل
داهمته سيارة ؟هل اكله لهيب ؟هيا اجبني!
فواصل بصوت مخنوق:
- آه صحيح أنه احترق
ولكن ليس بالنار بل بذنب اقترفه عن غيرعمد.خرج نادر كعادته
في مثل تلك الساعة لشراء الخبز.وهو ماضيا مطاطى الرأس
اذا به يعترضه شاب كان واقفا أمام باب الجيران وممسكا
بسلسلة كلب ضخم .تخوف نادر من الحيوان وطلب من الفتى أن
يجذب بطرف السلسلة ويتفح له المجال للمرور.
■■■■■■■
■■■■■
■■■■
ابى الشاب في أول
الأمر ثم فعل .فاستمر نادر في سيره و ابتاع الخبزوعاد أدراجه .لكن وهو
يتقدم ما راعه إلا أن فوجئ بالكلب مكشرا عن أنيابه ويترصده.فسال
من جديد مولاه أن يزيحه فرفض الاخير في عناد. و كلمة بكلمة
وسبة بمثلها أو أفدح منها.حتى اشتد الخصام بينهما فانتفخت الاوداج و
علت الاصوات وتطاير الشرر من الأعين .
ثم دار هذا الحوار
الحاد بينهما:
نادر :
- اقص هذا
الحيوان الحقير
الشاب:
- قلت لك ابدا نادر
- قلت لك أبعده
الشاب:
- لا
ويسدل غشاء كالح على
ملامح نادر و يصير لا يميز شيئا سوى الكلب و صاحبه
.اللذان لا ينفكان يستفزانه و يبرحان به.الكلب بالخدش والعض و مولاه بالركل
واللكمات.احس نادر بالظلم و الإهانة فانقلب في طرفة عين من انسان
الى إنسان آخر.ولمع شيء في يده ثم انغرس بكل قوة في عضد
مخاصمه.وسال الدم مدرارا وانطرح الجريح بلا حراك وسط
بركة حمراء.و اسقط القرار من الغيب بأن تحدث جريمة فحدثت.لقد
قتل نادر صاحب الكلب.و كان الظروفكانت مهيأة لذلك
فالشارع مقفر و ما من أحد من حولهما ليتدخل بينهما ويفك العراك
.إلا من صبية كانت هناك تشاهد ولا تصدق،عيناها تحدق في
المنظر المريع .أما لسانها فهو معقود.
كانت أم نادر آنذاك
على شرفة المنزل تنشر الغسيل .ولقد اصغت الى اللغط غير أنها
لم تعره اهتماما.و لم تفعل؟فالشارع للجميع و كثيرا ما تحصل فيه
اشتباكات من هذا القبيل .و ابنها ذهب إلى المخبزة وهي تعرفه
كالحلزون ما أن تقترب منه حتى يخفي ذوائبه وحتى من سمع الضجيج
من ساكني الحارة ظنوا أنه مجرد شجاربين مراهقين .فلم
يسرع اي منهم لاستجلاء الأمر إلا بعد فوات الاوان.
وحلت الطامة
والعامة،وتناقضت الآراء وتضخم الحشد إلى أن اقبلت سيارة الإسعاف فنقلوا
المحتضر إلى المستشفى .في حين حضرت الشرطة و أوقفت نادرا
لإحالته على التحقيق . و لا تسالوا و لا
انتم بحاجة لاصف لكم لوعة تلكما الثكلتين.
الاولى خرج ولدها
لاقتناء الخبز.
والثانية تركها ابنها
لنزهة صحبة كلبه.
واحدة توارت فلذة
كبدها الى الأزل تحت التراب.
بينما الأخرى ربما قد
اختفت قرة عينها مدى الحياة وراء الجدران.
■■■■■■■■■
■■■■■■■■
انتهت
■■■■■■■■■
■■■■■■■■
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق